أنا شاب يعلم الله أني أحبك فيه ,
سؤالي : ما الوقاية والعلاج من الشرك الخفي ؟ وما علاماته ؟ وبماذا نستعين على التخلص منه ؟
جواب فضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد :
فقد ابتدأت سؤالك بذكر صفة عظيمة من صفات المؤمنين وهي المحبة في الله إذ قلت : " يعلم الله أني أحبك فيه " فأقول لك : " أحبك الله كما أحببتنا فيه .
وأما سؤالك عن الوقاية والعلاج من الشرك الخفي فهو يجرّ إلى كتابة نبذة مختصرة عن الشرك بكافة أنواعه كباره وصغاره ، فالشرك ضد التوحيد؛ بل من أعظم أضداد التوحيد ، وقد عرّفه العلماء بعدة تعريفات منها : هو اتخاذ العبد من دون الله نداً يسويه برب العالمين في المحبة والخشية والخوف والرجاء ونحوها مما هو من حقوق الله .
وهو قسمان : شرك أكبر وشرك أصغر، والفرق بينهما هو : أن الشرك الأكبر مخرج من ملّة الإسلام بالكلية وصاحبه إن مات غير تائب منه فهو من أهل الخلود في النار وهو نوعان :أ / ظاهر ب / وخفي .
والظاهر منه : كعبادة الأوثان والقبور والأشجار والأحجار،وطاعة المخلوق في تحليل ما حرّم أو تحريم ما أحلّ الله ونحو ذلك مما فيه صرف شيء من العبادة لغير الله .
والخفي: من الشرك الأكبر ما كان باطناً كشرك المنافقين الذين يظهرون الخير والطاعة، ويبطنون الشر والمخالفات الكفرية والشركية، قاتلهم الله أنَى يؤفكون .
والنوع الثاني من أنواع الشرك الشرك الأصغر: وهو ما ثبت عن الشارع أنه شرك، ولكنه لا يصل إلى درجة الأكبر، لأنه لا يخرج فاعله من دائرة الإسلام، وهو قسمان أيضاً:
أـ ظاهر.
ب - خفي .
فالظاهر منه: كتعليق التمائم، والحلف بغير الله، ووضع الحلقة والخيط وعين الذئب لدفع أمراض معينة وكونها شركية باعتبارها أسباباً غير شرعية ،وتتعلق القلوب بها في تحقيق ما علقت من أجله .
وشرك خفي أصغر ينافي كمال التوحيد ولا يخرج الواقع فيه من دائرة الإسلام، ولكنه ينقص بارتكابه ثواب العمل الصالح, ووجه تسميته خفيّاً لخفائه على نفس صاحبه, أو لكون صاحبه يخفيه عن الناس فلا يطّلع عليه أحد، ولا يطّلع عليه إلا الله جلّ وعلا، لأنه علاّم الغيوب، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, ومن أمثلته قوله صلى الله عليه و سلم : { الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء، على صفاة سوداء، في ظلمة الليل }, ومثله في الدلالة على هذا النوع أي الشرك الخفي الأصغر، حديث حذيفة عند البخاري في الأدب المفرد وأبي يعلى وغيرهما من حديث حذيفة ابن اليمان ـ رصي الله عنه ـ عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنه قال: { الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل, قال أبو بكر يا رسول الله: وهل الشرك إلا ما عبد من دون الله؟ قال ثكلتك أمك, الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل ألا أخبركم؟ يقول يذهب صغاره وكباره, أو قال صغيره و كبيره، قال: بلى، قال: تقول كل يوم ثلاث مرات اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم, والشرك أن تقول: أعطاني الله وفلان, والند أن يقول الإنسان لولا فلان لقتلني فلان }
ومن صور الشرك الأصغر ما دلّ عليه حديث محمود بن لبيد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنّه قال: { أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء, يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم , اذهبوا إلى من كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً }
ومن علاماته أن يقوم العبد في عمل الطاعة يريد به وجه الله فيزيد في تحسين العمل من أجل مشاهدة الغير له ،وقصد مدحته والثناء عليه .
وعلاجه : مجاهدة النفس على الإخلاص في العمل وترك المراءات وملازمة الذكر الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ليكون علاجاً للتخلّص من الرياء الطارئ على العمل ما جاء في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الطويل ومنه : قول النبي صلى الله عليه وسلم : " تقول كل يوم ثلاث مرات اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم "
بالإضافة إلى الاجتهاد في قراءة القرآن وسائر أنواع الذكر كسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وكثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في كل حال ، والدعاء في آخر الليل قائلاً : " اللهم اجعل عملي صالحاً ولوجهك الكريم خالصاً ولا تجعل لأحد فيه شيئاً ، وخذ كتاباً من كتب الأذكار المقيدة والمطلقة ، وأكثر من قول : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ، وقول :" اللهم إني أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون " مع المحافظة على الجلوس في حلقات العلم لتكون فقيهاً في الدين فإن التفقه في الدين سبيل المؤمنين ، والفقه في الدين فيه علاج القلوب والأرواح والأبدان ، وأن العبادة مع الجهل بأمور الدين تكون معها الشكوك والوسوسة والاضطراب في أمور العبادة .
وختاماً خذ بما أوصيتك به وتوكل على الله وأرج رحمته وأخش عقابه وظنّ به خيراً فإنه أرحم الراحمين وخير الغافرين لمن أتى بأسباب الرحمة والغفران . والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[center]